قانونٌ ظالِمٌ بعدَ قَرن: بنك بيمو والسّفارة البلجيكيّة يُنظِّمان ندوةً حول حقِّ الأمِّ اللبنانيّة في مَنحِ الجِنسيّة

11:40AM

 نَظَّمَ بنك بيمو بالتعاونِ معَ السّفارةِ البلجيكيّة في لبنان ندوةً وطنيّةً بعنوان «أولادُها… أولادُ لبنان» في المعهدِ العالي للأعمال (ESA)، وذلك في مناسبةِ مرورِ مئةِ عامٍ على صُدورِ قانونِ الجِنسيّة اللبنانيّة عام 1925 والذي لا يزال نافذًا حتى اليوم، رغم ما يحمِلُه من ظُلمٍ يَحرِمُ الأمَّ اللبنانيّة من حقِّ مَنحِ جنسيّتِها لأولادِها. وهدفتِ الندوةُ إلى فَتحِ مساحةٍ حواريّةٍ حولَ قانونٍ مضى عليه قَرنٌ وما زال يمسُّ الحقوقَ الأساسيّةَ للأمهاتِ اللبنانيّات ولأطفالِهِنّ.

 

حضرَ الندوةَ سفيرُ بلجيكا في لبنان أرنو باولز، ورئيسُ مجلسِ الإدارةِ والمديرُ العامّ لبنك بيمو د. رياض عُبجي، ووزيرةُ السياحةِ لورا الخازن لحّود، والنوّابُ بولا يعقوبيان، عماد الحوت، ووضّاح الصادق، والوزيرانِ السابقانِ ناصيف حتّي وزياد مكاري، والسيدة جيهان أسمر ممثّلة رئيس حزب الكتائب اللبنانيّة النّائب سامي الجميّل، والسّيّدتين مادونا سلامة أيانيان ولينا قماطي أبو عضل ممثِّلتين عن الهيئةِ الوطنيّةِ لشؤونِ المرأةِ اللبنانيّة، والمحامية أ. كريستين عازوري ممثّلة نقيب المحامين في بيروت أ. عماد مارتينوس، وممثلات عن هيئة الأمم المتّحدة للمرأة، واليونسكو، وعدد كبير من الجمعيّاتِ النسائيّة والاجتماعية، وشخصيّاتٍ دبلوماسيّةٍ وقانونيّةٍ وثقافيّةٍ وتربويّة.

 

مداخلاتٌ رئيسيّة

 

في كلمتِه، أكّد د. رياض عُبجي أنّ «مسؤوليّتنا كمؤسّساتٍ تتجاوزُ الاقتصادَ لِتلامسَ هُمومَ المجتمع»، مُعتبِرًا أنّ «قانونَ الجِنسيّةِ ليس نصًّا قديمًا من عام 1925 فحسب، بل مصدرُ معاناةٍ لآلافِ العائلات اللبنانيّة». وأوضحَ أنّ «حِرمانَ المرأةِ اللبنانيّة من نَقلِ جنسيّتِها يُشكِّلُ مَنفًى غيرَ مُعلَنٍ وتمييزًا يمسُّ حقَّها وكرامتَها»، مُشدِّدًا على أنّ «وُجودَ النساءِ في مواقعِ القرار يُعزِّزُ فاعليّةَ المؤسّسات». وأضافَ أنّ «الجِنسيّةَ تقعُ في صُلبِ المُساواةِ بينَ الجنسَين، وأنّ حِرمانَ المرأةِ من هذا الحقِّ يَنتقِصُ من مواطنتِها»، مُعتبِرًا أنّ الإبقاءَ على القانونِ الحالي «يَحرِمُ لبنان من نصفِ طاقاته ولا يَستندُ إلى أيِّ مَنطِقٍ اقتصاديّ أو حتّى إنسانيّ».

 

من جهته، شدّد سفيرُ بلجيكا في لبنان أرنو باولز على أنّ «حقَّ الأمِّ في مَنحِ جنسيَّتِها لأولادِها حقٌّ أساسيٌّ مُرتبِطٌ بالكرامةِ الإنسانيّة»، مُضيفًا أنّ «المادّةَ 9 من سيداو واضحةٌ تمامًا في هذا الإطار». وأشارَ إلى أنّ «الإصلاحَ يتحقَّقُ بالحوافزِ لا بالعقوبات، وبنقاشٍ صريحٍ يحترمُ القِيَم»، لافتًا إلى أنّ «رَبطَ المساعداتِ الدوليّةِ بشروطٍ مُرتبطةٍ بالجِنسيّة لا يَنسجمُ مع التوجّهِ الدوليّ، لكنّه يُؤكّدُ ضرورةَ استمرارِ الحوار».

 

وقالت السيّدة كريمة شبّو، مديرة حملة «جنسيّتي حقّ لي ولأسرتي»، إنّ «الحقّ في نقل الجنسية ليس موضوعًا قانونيًا فحسب، بل هو مطلبٌ حقوقي يرتبط جوهريًا بمفهوم المواطنة والمساواة بين جميع اللبنانيين». وأشارت إلى أنّ «هذا الواقع ينتهك حقوق آلاف النساء والأطفال الذين يواجهون يوميًا نتائج التمييز القانوني القائم». وأكدت أنّ «انتهاك حق امرأة واحدة يكفي ليُصبح تعديل القانون واجبًا تشريعيًا وإصلاحيًا ووطنيًا طارئاً لا يحتمل التأجيل»، مضيفةً أنّ «اضطرار الشباب إلى مغادرة لبنان بحثًا عن حقّهم في العمل ليس خسارة فرد، بل خسارة وطن يُفرّط بطاقاته». وشدّدت على أنّ «استمرار شعور أولاد اللبنانيات بأنهم/ن غير مُعترف بهم/ن داخل بلد الام يضعنا أمام تمييز صارخ يجب وضع حدّ له فورًا، تحقيقًا للعدالة والمواطنة المتساوية».

 

أمّا السيّدةُ بريجيت شلبيان، مُؤسِّسةُ ومديرةُ جمعيّة «عَدل بلا حدود»، فأشارت إلى أنّ «التناقضَ بينَ القانونِ اللبنانيّ والاتفاقيّاتِ الدوليّة فاضحٌ ولم يَعُد يُحتَمَل»، مؤكّدةً أنّ «الإصلاحَ واجبٌ قانونيٌّ وأخلاقيّ». وقالت إنّ «المساواةَ ليست نصوصًا نَظريّة، بل حقًّا يُمارَسُ أمامَ القانونِ ومِن خلالِه»، مُعتبِرةً أنّ «تراكُمَ الدعاوى القضائيّة، حتى ولو لم تُربَح كلُّها، يَفرِضُ على المنظومةِ الاعترافَ بالمشكلةِ والسيرَ نحوَ التغيير».

 

وأدارتِ الحوارَ مُؤسِّسةُ ورئيسةُ جمعيّة «فيفتي فيفتي» جويل أبو فرحات، التي شدّدت على أنّ «حِرمانَ المرأةِ من حقِّ مَنحِ جنسيّتِها لأطفالِها مُشكلةٌ جَوهرِيّة، وأنّ إصلاحَهُ خطوةٌ ضروريّةٌ نحوَ العدالةِ والمواطنةِ الكاملة». ودعت إلى «نقاشٍ جريءٍ وصريحٍ لِفهمِ ما الذي يَمنعُ الإصلاح، وكيف يمكنُ الوصولُ إلى حَلٍّ عادلٍ يَضمنُ المُساواةَ من دونَ استثناء»، مؤكّدةً أنّ «هذه قضيّةٌ إنسانيّةٌ بامتياز، وعلى الجميع — دولةً ومجتمعًا — تَحمُّلُ مسؤوليّاتِه كي لا يَبقى أيُّ طفلٍ مُعلَّقَ الهُويّة في وطنِه».

 

فيلمٌ وثائقيّ وشهادات حيّة

 

قَدَّمَتِ الحدث السيّدة كلودين فغالي، المديرةُ التنفيذيّةُ في بنك بيمو، وتضمَّن عرضُ فيلمٍ وثائقيٍّ قصيرٍ من عشرِ دقائق من إخراج كارول منصور تخلّلَته شهاداتٌ مُؤثِّرة لنساءٍ لبنانيّاتٍ مُتزوِّجاتٍ من غيرِ لبنانيّين، ولأولادِهِنّ الذين نَقَلوا رواياتِهم وتجاربَهم الشخصيّةَ مع هذا الواقع الذي يُجمِعونَ على وصفِه بأنّه ظُلمٌ اجتماعيٌّ وقانونيٌّ جسيم.

 

وقد اُفتُتِحَ نقاشٌ بين الحضور حول التأثيراتِ الاجتماعيّةِ والقانونيّةِ للقانونِ الحالي، تبادَل خلاله المشاركون تجاربَ حيّةً تُظهِرُ حجمَ انعكاسِ هذا الواقعِ على حياةِ العائلات ومستقبلِ الشباب. كما طُرِحت مقارباتٌ إصلاحيّةٌ تُعيدُ الاعتبارَ لحقِّ الأمِّ وأطفالِها ضمن رؤيةٍ عادلةٍ للمواطنة.

 

وقد تخلّل الندوةُ شهاداتٍ حيّة قدّمها أفرادٌ من العائلاتِ المعنيّة، عبّروا خلالها عن معاناةٍ يوميّةٍ تُلخِّصُ أثرَ الحِرمانِ من الجِنسيّة على التعليمِ والعملِ والانتماء، حيث تحدّث كلّ من ميريام حنيني مايتالا، وناتالي دوبو، ونور فطايرجي، وردينة نجم، حيث أَجْمَعن أنّ «المُطالَبةَ بالجِنسيّة ليست طَلَبَ امتيازٍ، بل طَلَبُ حقٍّ طبيعيٍّ يُمنِحُ أبناءَنا مكانَهم في وطنِهم». وقد رسَّخت هذه الشهاداتُ البُعدَ الإنسانيَّ العميقَ للقضيّة، مؤكّدةً أنّ الإصلاحَ لم يَعُد مطلبًا فرديًّا بل ضرورةً وطنيّة.

 

التزامٌ مستمرّ

 

يُؤكّدُ هذا الحدثُ التزامَ بنكِ بيمو بقضايا الإنسانِ والعدالة، وسعيَهُ إلى تعزيزِ الوعي الوطنيّ تجاهَ قانونٍ مضى عليه قَرنٌ وما زال يَحرِمُ الأمَّ اللبنانيّةَ من حقِّها الطبيعيّ. ويواصلُ المصرفُ دعمَ المبادراتِ التي تُسهِمُ في بناءِ مجتمعٍ أكثرَ وعيًا وإنصافًا، واضعًا حقوقَ الإنسانِ في صُلبِ رُؤيتِه للمستقبل.



شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa