03/02/2020 09:04AM
كتب السياسي دافيد عيسى:
بالرغم من كل الازمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يغرق فيها لبنان "حتى أذنيه"، لا يمكن ان يقف متفرجآ عن متابعة التطورات والاحداث الإقليمية التي تطوّقه، خصوصاً وأن ما يجري في المنطقة يعني لبنان كثيراً، وينعكس بشكل مباشر على أوضاعه وأزماته، فكيف إذا كان الامر يتعلق بخطة حل شامل للصراع "الفلسطيني – الإسرائيلي" والتي سميت بـ "صفقة القرن"؟
سامحنا يا وطني... بكل "عرس الك قرص"، وفي كل محطة إقليمية وعند كل مفترق طرق تجد نفسك معنياً بنتائجها وتبعاتها. هذا ما حدث عندما انفجرت حروب الربيع العربي، خصوصاً الحرب السورية. وعندما تفاقم الصراع "الشيعي–السني" على امتداد المنطقة. وعندما تطورت في الأشهر والاسابيع الماضية المواجهة "الأميركية-الإيرانية" واتخذت من العراق ساحة رئيسية لها، وأصابت بشظاياها السياسية الساحة اللبنانية.
والآن يجد لبنان نفسه وأكثر من أي وقت مضى، أمام حدث كبير اسمه "صفقة القرن"، ومعني بأن يتابعه عن كثب وكيف سيتطور والى أين سيؤول، لسببين أساسيين:
السبب الأول: ان هذا التطور هام ومعطى جديد في الشرق الأوسط من شأنه ان يغير في المشهد والمعادلة.
فالصراع "الفلسطيني–الإسرائيلي" يظل هو الصراع التاريخي المزمن في المنطقة، ولا مبالغة في القول ان كل ما شهدته وتشهده المنطقة العربية من صراعات وأزمات عنف وإرهاب وتطرف كان منطلقها وسببها العميق القضية الفلسطينية وأزمة الصراع مع إسرائيل، وأن لا حل نهائياً لأزمات المنطقة ولا استقرار دائماً وثابتاً فيها الا بإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وبالتالي فإن أي حل غير عادل ولا يأخذ في الاعتبار حقوق الفلسطينيين وموقفهم ستكون نتائجه وتداعياته سلبية، وسيكون سبباً لمشاكل وتوترات جديدة في المنطقة ولن يكون لبنان في منأى عنها.
السبب الثاني: ان لبنان يستضيف ويحتضن على أرضه مئات الآلاف من الفلسطينيين على مر عقود وسنوات، وهؤلاء ستحرمهم "صفقة القرن" من حق العودة الى ارضهم وبلادهم، من خلال الاشارات الصريحة الى اندماجهم في البلدان المضيفة، وهذا معناه تكريس الواقع القائم منذ سبعين عاماً، اي توطين الفلسطينيين المتواجدين على الارض اللبنانية، مع ما يترتب على ذلك من مسؤوليات وأعباء جديدة على الدولة اللبنانية، ومن خلل جوهري في التوازنات الداخلية والطائفية والاجتماعية والديموغرافية.
بطبيعة الحال فإن لبنان الذي حارب التوطين الفلسطيني عام 1975 في عز انقسامه بين مؤازر لهم ومناهض، لم تقوَ عليه ضغوط الحروب للنيل من عزمه ونضاله في هذا السبيل، وهو اليوم ايضآ غير قادر على تحمل أعباء تبعات الفلسطينيين على أرضه مع إعطائهم حقوقهم السياسية والمدنية، وذلك نظراً لخصوصية التركيبة اللبنانية من جهة، ولضعف الإمكانات المالية والاقتصادية، خصوصاً في ظل الازمة الراهنة والطويلة الأمد من جهة ثانية. لذلك فإن لبنان ليس في استطاعته التساهل في موضوع التوطين، ولا ينفع معه ترغيب وإغراءات مالية وترهيب وتهديدات اقتصادية. والامر ذاته ينطبق على النازحين السوريين الذين ليس في مقدور لبنان استيعابهم وإدماجهم، ولا حل لقضيتهم الا بالعودة الى بلدهم.
ومما لا شك فيه، ان ضغوطاً ستمارس على لبنان للسير ب "صفقة القرن" وكي لا يتحول الى منصة لمحاربتها والتشويش عليها.
كل ذلك يدعو الى إيلاء الملف الفلسطيني اهتماماً برغم وجود الكثير من الملفات الداخلية الضاغطة، والى صياغة موقف وطني موحد يحفظ مصالح لبنان ويكون طليعة الموقف العربي الجامع.
ولكن على الرغم من دقة وخطورة المرحلة وشدة الضغوط، فإن هناك عوامل تبعث على الارتياح على المستوى الداخلي اللبناني، وهي أن لبنان سيكون قادراً على التعامل مع تحديات ومخاطر "صفقة القرن" ولو بالحد الادنى او بالامكانات المتاحة. ومن بين هذه العوامل:
-الاجماع الوطني على رفض التوطين المكرس في مقدمة الدستور، ولا يمكن إلغاؤه الا بإجماع وطني، ولا يمكن في ظله تمرير أي مشروع للتوطين، والا سيكون بمثابة خيانة للدستور والوطن.
-الموقف الواحد من كافة القوى والقيادات السياسية والطائفية التي التقت وبرغم كل خلافاتها وتناقضاتها، على رفض "صفقة القرن" وكل موجباتها ومندرجاتها كونها تتجاهل تماماً المبادرة العربية للسلام التي أقرت في قمة بيروت العربية عام 2002، وبالتالي فإن هذا التوافق الوطني والسياسي حيال "صفقة القرن" ورفضها يسهل كثيراً التعامل مع تداعياتها وإقفال الساحة اللبنانية في وجهها.
-الالتقاء "اللبناني والفلسطيني" على التمسك بحق العودة وعلى قيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة عاصمتها القدس الشرقية بحدود العام 1967. وهذا التلاقي بين لبنان حكومة وقيادات ومسؤولين وسياسيين، وبين الفلسطينيين مجتمعات وفصائل، من شأنه ان يمنع استغلال العامل الفلسطيني كعامل ضغط على الدولة اللبنانية، ويمنع كل محاولات ومشاريع توتير وتفجير المخيمات الفلسطينية في لبنان واستخدامها أداة ضغط وابتزاز، كما يمنع افتعال تناقض "لبناني–فلسطيني" واللعب عليه.
"صفقة القرن" التي أعادت القضية الفلسطينية الى الواجهة بعد طول نسيان وإهمال، والتي تجاوزت القرارات والمرجعيات الدولية في حل أزمة الصراع "الفلسطيني–الإسرائيلي"، تشكل تحدياً جديداً للبنان واختباراً جديداً لوحدته واستقراره، وسط بحر من الازمات والضغوط الداخلية والإقليمية.
إنه تحدٍ كبير ومصيري يستوجب وضع كل الخلافات جانباً، ووضع سياسة إقليمية قائمة على مبدأ النأي بالنفس في الصراعات والمحاور الإقليمية. مع التذكير والتشديد على ان القضية الفلسطينية ليست مشمولة بهذا المبدأ، وأن لبنان لا يمكنه أن ينأى بنفسه عن القضية العربية المركزية لألف سبب وسبب.
شارك هذا الخبر
ارتفاع حصيلة الغارة على مركز الدفاع المدني في دورس ببعلبك إلى 15 شهيدا
حصيلة الغارة على عربصاليم: 6 شهداء من بينهم 4 مسعفين
غارتان على تمنين التحتا في البقاع
حزب الله يواصل عملياته: هجوم جوي على قاعدة "إلياكيم" جنوبي مدينة حيفا.. واستهداف تجمّع لقوات إسرائيلية في مستوطنة يرؤون
رويترز نقلاً عن مصادر: السفيرة الأميركية في بيروت تقدم مسودة مقترح لوقف إطلاق النار في لبنان إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري
مجدداً...حزب الله يستهدف تجمعاً لجنود الجيش الإسرائيلي!
موجة من الغارات الإسرائيلية العنيفة وعدد من الشهداء.. إليكم آخر التطورات في الجنوب وبعلبك والبقاع
القناة 14 الإسرائيلية عن وزير الخارجية غدعون ساعر: لن نسمح بتجدد قوة حزب الله
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa