"الإتصالات" تضرب من جديد.. "غرفة التنصت" الى الحياة

07/08/2019 04:35PM

في الآونة الاخيرة.. تحتل وزارة الإتصالات صدارة الاخبار في وسائل الإعلام، فبعد أن ضجت الصحافة ومواقع التواصل الإجتماعي بخبر شراء مبنى "تاتش" بقيمة 75 مليون، يعود اليوم الحديث عن مشروع جديد، وصفته بعض وسائل الإعلام بـ "الصفقة"، ويتعلق بغرفة التنصت المنشأة في وزارة الإتصالات "مع وقف التنفيذ".

ويبدو من ما سُرّب، أن وزارة الإتصالات تتهيأ اليوم لإعادة تأهيل غرفة التنصت المركزية في الوزارة وتحديث البرامج التي تتضمنها. اتخذ القرار بإنشاء هذه الغرفة في العام 2009، في عهد الوزير جبران باسيل، ودشّنت في العام 2010، في عهد الوزير شربل نحاس.

ومنذ ذلك الوقت، وتنام الغرفة في ثباتها، فلا من يدير ولا من يشغّل، حيث لا تزال  مراكز التحكم في المحافظات تتابع مهامها، بانتظار قرار من وزير الإتصالات لإيقاف عملها، الا ان احدا ممن تولوا هذه الوزارة لم يصدر هكذا قرار منذ 2010.

وبالتالي، فإن المرسوم المتعلق بتحديد أماكن وأصول اعتراض المخابرات والذي بإمكانه سد الخلل الذي يشوب القانون المتعلق بحماية الحق بسرية الاتصالات، بحكم المجمّد عمليا.

هذا القرار الذي يتحضر وزير الاتصالات الحالي محمد شقير الى البدء بتنفيذه، بعد طرح العروض على الشركات، يعيد الحديث عن آلية التنصت، التي شكلت ولا تزال ملف خلافي بين القوى السياسية التي تتقاسم الاجهزة الأمنية وتحاول توظيف عملها لغاياتها الخاصة ومشاريعها السياسية، ويطرح من جديد كيفية تنفيذ القوانين التي أقرت بشأن التنصت.

وعلى الرغم من أن التنصت على الاتصالات يعتبر اعتداءً خطيراً على الحريات الشخصية، لا سيما على حرمة الحياة الخاصة وقدسية سرّيتها، كما يشكل اعتداء على حقوق الدفاع للشخص المشتبه بارتكابه أو محاولة ارتكابه جرماً جزائياً. وهذه الحريات كفلها الاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الانسان، كذلك الدستور اللبناني في مادته الثامنة. وبحسب القوانين اللبنانية : "الحرية الشخصية مصونة وفي حمى القانون. و"سر المراسلات البريدية مصون لا يجوز إفشاؤه".

إلا ان مقتضيات عمل الأجهزة الأمنية خلال التحقيقات تجعل من التنصت وسيلة ضرورية وفعالة وناجحة، تؤمن للسلطات القضائية والأمنية التسهيلات لضبط الأدلة والوقائع الجرمية أو الأعمال التحضيرية التي تسبق الفعل الجرمي، ولدرء خطر المؤامرات التي تُحضّر ضد الدولة

ولهذه الأسباب، فكان القانون رقم 140 الصادر بتاريخ 27/10/1999 والمتعلق بصون الحق بسرية المخابرات، والذي جاء بعد نداءات داعية الى سن قانون خاص لتنظيم التنصت الرسمي ومنع التعسف والإعتداء على حرمة الحياة الخاصة للفرد. ونظم هذا القانون أصول اعتراض المخابرات بناء على قرار قضائي وبناءً على قرار إداري، وحدد عقوبة التنصت غير الشرعي، وأنشأ هيئة مستقلة للتثبت من قانونية الاجراءات المتعلقة باعتراض المخابرات بناء على قرار إداري.

الا ان التطبيق الخاطىء للقانون 140 بسبب عوامل عدة  منها سياسية ومنها عملي ويتعلق بأن وزير الإتصالات وفق هذا القانون يصبح قيماً على بقية الوزارات أي وزارة العدل والداخلية.

هذا الامر دفع بالسلطة التشريعية بتاريخ 1/10/2005، الى اقرار مرسوم حمل الرقم 15280 وتُحدد من خلاله أماكن وأصول اعتراض المخابرات. ونص على أن "تحصر مهمة اعتراض وتسجيل المخابرات في مراكز التحكم الكائنة في مراكز المحافظات التابعة لوزارة الاتصالات بصورة مؤقتة والى ان تنجز عملية تركيب وتشغيل الأجهزة التقنية وتأمين الوسائل التقنية اللازمة في مركز التحكم الكائن في المبنى المركزي لوزارة الاتصالات في بيروت.يحدد وزير الاتصالات بقرار منه تاريخ توقف مراكز التحكم في المحافظات عن تنفيذ مهمة الاعتراض تسجيل المخابرات الهاتفية ومباشرتها في مركز التحكم المنصوص عنه في الفقرة الأولى من هذه المادة."

ورغم صدور هذا المرسوم وإنشاء الغرفة المركزية، بقي كل شيء على حاله، وهذا ما يفسر  أن عملية تزويد الأجهزة الأمنية المختصة بالمخابرات خضعت  في الفترة الماضية لأهواء ومزاجية من يتحكمون بزمام الأمور من الطبقة السياسية، التي نعيد ونؤكد، انها لا تترك فرصة لمحاولة فرض ميولها الشخصي والتدخل في عمل الاجهزة الأمنية والقضاء. فهذه الغرفة من شأنها تكبيل كل مخططاتها لأن حصر عملية التنصت بالغرفة المركزية يعني ربطها بهيئة قضائية مستقلة، فيما اعتادت السلطة أن تسخر ما أمكنها لتحصل على ما تريد دون حسيب ولا رقيب.

وبالرغم من اهمية إعادة إحياء غرفة التنصت المركزية، لما في ذلك من حماية لحقوق المواطنين وصون لكرامتهم، الا ان البعض يعتبر ان ما يقدم عليه شقير ليس حبا في تطوير الوزارة ولا حتى دعما لحقوق الإنسان، وإنما الامر لا يتعدى كونه صفقة جديدة ستدفع ثمنها شركتا الإتصالات، على غرار ما اتهم به لجهة مبنى "تاتش".


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa