ملامح تشرين الأول 2019... بحلّة 2020 المرعبة والمهوِّلة باختفاء لبنان!

13/10/2020 07:48PM

كتب هادي جان بو شعيا:

أحداث تكاد تشكّل 99،99% نسخة كربونية طبق الأصل عن أحداث تشرين الأول 2019 ولكن العام إسمه 2020. 

نعم، العام 2020 بات يشكّل إسماً سطع نجمه باكراً منذ نعومة أظافره تحديداً من شهر كانون الثاني، إذ هو عمره 12 شهراً.

مرّ منهم 9 شهور، ودخل شهره العاشر، حيث أشعل بلدان العالم كافّة بمختلف أنواع الأحداث الأليمة المتوقعة منها وتلك غير المتوقعة: 

•عالمياً: بدءًا بانتشار وباء كورونا الذي حصد ملايين الوفيات ولا زال يستفحل، في ظل ضبابية تسود إمكانية توفّر اللقاح المواتي له، ليُنتج بذلك صراعاً أميركيًا-روسيًا-صينيًا-أوروبيًا(ألمانيا تحديداً) على أحقية إنتاج ومن ثَمّ الحصول على أحادية إطلاق اللقاح الذي لا زال رهينة نزاع سياسي-إقتصادي أكثر منه إنساني!

•مروراً بعبارة "Black Lives Matter" التي هزّت العالم بأسره، على إثر قتل جورج فلويد ذي البشرة السوداء من قبل شرطي أميركي أبيض البشرة. 

ما أعاد إلى الأذهان مشاهد وصور لم يرها الإنسان، أينما كان، منذ قرون عدّة، وإعادة طرح قضية المساواة بين العرقين (تحديداً اللونين) ما يعرف ايضاً بصراع الاثنيات. 

إذ اندلعت على إثرها تظاهرات عمّت الولايات المتحدة الأميركية بأسرها.... وما تلا ذلك من اعتقالات ومواجهات في الشارع بين مؤيدي "قضية فلويد" ومعارضيها.... 

•الفيضانات والأعاصير التي كما كل عام، ونتيجة الاحتباس الحراري وتداعياته على مجرى كوكب الأرض، ما زاد من وتيرة وعدد الكوارث الطبيعية ورفع من حدة منسوبيها....

•اقليمياً و"صفقة القرن": في 28 من شهر كانون الثاني، من عام 2020، دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب كل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومنافسه بيني غانتز ولم يدعُ أي من المسؤولين الفلسطينيين إلى واشنطن لإطلاق خطته للسلام من أجل حلّ الصراع القائم منذ عقود؛ الأمر الذي لاقى اعتراضات من دول عديدة كما رحّبت بعض الدول بهذه الخطوة...... 

ولكن بين براثن كورونا ودويّها سلكت عمليات التطبيع العربية مع إسرائيل طريقها بدءًا من الإمارات وسلطنة عمان وصولاً إلى البحرين.... ولعل اللائحة الموضوعة على قائمة عرّابي التطبيع العربي طويلة والأيام القادمة كفيلة بتحديد هُوّيتها.....

•لبنانياً... من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وااا.... بيروت الجريحة والمنكوبة سياسياً، أمنياً، اقتصادياً، مالياً، نقدياً، إجتماعياً وانهيار أبرز عمود استند إليه طويلاً إقتصاد لبنان الربعي وهو النظام المصرفي اللبناني الذي سقط قناعه على إثر اندلاع إنتفاضة لا بل ثورة 17 تشرين الأول 2019. 

فلم يوفّر جهداً في سبيل نهب أموال المودعين ودوس كراماتهم على أبواب المصارف التي تمترست خلف اطواق القوى الأمنية والجيش اللبناني الذي اضطر للتدخّل في مرات عديدة لحسم الموقف...

أتى ذلك بُعيد إعلان وزير الاتصالات السابق محمد شقير تغريم اللبنانيين مبلغ 6 دولارات شهرياً لتوفير خدمة ال"واتساب" التي هي أساساً خدمة مجانية.... ولكن النظام الاقتصادي اللبناني قائم على الضرائب والمحسوبيات والنظام "البوليسي" وثقافة الفساد، التي حتى اليوم لا زالت تُمارس وكأنها أحد مندرجات مقدمة الدستور اللبناني الذي يشكّل وجهة نظر وفقاً لأمراء الحرب وزعماء الطوائف.... 

2019 وحوادث الحرائق التي أبكت المراسلات والمراسلين، ولكن أحداً منّا لا ينسى مشهد بكاء مراسلة قناة الجديد التي ما انفكّت وقتذاك تطلب الاستغاثة والنجدة من المسؤولين لإنقاذ مئات الأرواح التي كادت أن تلتهمها ألسنة النيران، والتي تتكرّر اليوم في أكثر من منطقة لبنانية. 

وكأنها نسخة كربونية طبق الأصل عمّا حدث العام الماضي قبيل 7 أيام على احتفاء اللبنانيين بذكرى ثورة 17 تشرين الأول 2019 التي كادت أن تطيح بمنظومة الفساد المتسمّرة في كراسيها رغم الإهانات وفضح ملفات فساد تأكد ضلوعهم فيها ولعلّ انفجار 4 آب، الذي كاد أن يزيل مدينة بيروت عن الخارطة اللبنانية الصارخة، يُعتبر جريمة موصوفة بالمعايير كافةّ.

اما العار الموصوف تجلّى بغياب أهل السلطة عن إداء أبسط مهامها وهو النزول إلى الشارع واحتضان المنكوبين والتعويض عليهم الذي لا زال موضوع قيد النزاع.... استقالة حكومة حسان دياب ذات اللون الواحد والتي سارعت في المسار الانحداري للأزمة اللبنانية......

فكانت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون  الأولى للبنان بمثابة طوق النجاة، حيث لعب دور المعزّي الأول شكلاً ومضموناً داعياً أهل السلطة للإسراع بتشكيل حكومة "المهمة"، بعدما قطعوا له وعداً بإنفاذها بكامل منتجاتها مع تحفّظ الثنائي الشيعي على إجراء انتخابات نيابية مبكرة، 

حيث تم تسمية الدكتور مصطفى أديب وهو ما تبنّاه نادي رؤساء الحكومات السابقين، والذي تاه بدوره في دهاليز التعنّت الشيعي الذي غلّب مصلحة الطائفة والتوقيع الثالث وقضية الميثاقية على حساب ديمومة لبنان، 

بعد تحذيرات عديدة حول خطر زوال لبنان بالمعنى المجازي طبعاً اذا ما استمرّ أداء أهل السلطة على حاله... ولكن ماكرون لم يستسلم واضعاً سمعته على المحك أمام اللبنانيين والمجتمع الدولي... ولكن بقي زعماء الطوائف متمترسين خلف لا شيء على الأرجح. 

حتى جاء "إتفاق الإطار" الذي تولّاه مفوّض إبرام الاتفاقات الدولية للثنائي الشيعي نبيه بري الرسمي الحدود البحرية والبرية مع إسرائيل راضخاً للضغط الأميركي الذي بدأ بسلسلة عقوبات تكاد لا تنتهي فردية كانت أو مؤسسية في أكثر من اتجاه....

368 يوماً بالتمام والكمال منذ اندلاع الثورة المجيدة.... ورغم كل الاجراءات الردعية التي تحاول سلطة فاقدة الشرعية ممارستها بشتى الطرق، ولكن أيام قليلة كفيلة بأن تكشف لنا جدارة المواطن اللبناني بأحقية الحياة بكرامة دون أي قيود او شروط او رضوخه للأمر الواقع. 

وتذكروا عند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان!


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa