ضغوط متزايدة تضعف إدارة ترامب !

20/12/2018 06:53AM

تجري الرياح بما لا يشتهيه الرئيس دونالد ترامب. احتدام الصراع الداخلي الأميركي بينه وبين الدولة العميقة، وما ينجم عنه من تحقيقات وفضائح تتعلق به، والانتكاسة التي تعرض لها في انتخابات الكونغرس، وأخيراً «قضية خاشقجي»، و«اكتشاف» جريمة حرب اليمن من قبل الرأي العام الأميركي والعالمي، وتداعياتهما على موقع حليفه السعودي محمد بن سلمان، جميعها تطورات أدى تضافرها إلى إضعاف إدارته بقوة وبسرعة. 


ضعف الإدارة الأميركية، وانهيار مخطط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لانشاء تحالف إسرائيلي ــــ أميركي ــــ خليجي لمواجهة إيران وإعادة صياغة الإقليم هي عوامل قد تدفع الأخير إلى خطأ في الحسابات وقرارات غير عقلانية بالهروب الى الحرب. المؤرخ والمفكر الفلسطيني رشيد الخالدي، الأميركي المولد واللبناني المنشأ حتى الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، الحائز كرسي إدوار سعيد للدراسات العربية المعاصرة في جامعة كولومبيا ومدير مجلة الدراسات الفلسطينية في الولايات المتحدة، قدّم لـ«الأخبار» قراءته لخلفيات هذه التطورات ومآلاتها المحتملة.

انهيار مخطط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو



إدارة دونالد ترامب واقعة تحت ضغوط متزايدة في الولايات المتحدة، وهي باتت، حسب رشيد الخالدي، «أضعف بكثير من السابق لعدة أسباب؛ أولها، التحقيقات التي لا تقتصر على ما سمي التدخّل الروسي في الانتخابات، بل تجاوزته الى التمويل غير القانوني لحملة ترامب الانتخابية من قبل جهات مختلفة، بينها على ما يبدو أطراف عربية وإسرائيلية، وإلى فضائح أخرى لا علاقة لها بالشأن السياسي لكنها غير قانونية، لأن أموالاً مخصصة للحملة الانتخابية استخدمت لمغامرات نسائية خاصة للرئيس الأميركي. هذا يضع الإدارة في موقع ضعف على المستوى الداخلي. 


حذفت نيويورك تايمز المعلومة المتعلقة بالتمويل الإسرائيلي، لكن وسائل إعلام أخرى أوردته والأشخاص الذين قاموا بالتمويل معروفون وارتباطهم بإسرائيل علني. سبب آخر لضعف الإدارة هو نتائج الانتخابات النصفية التي أدت إلى خسارتها لمجلس النواب واحتفاظها بأغلبية في مجلس الشيوخ نتيجة طبيعة النظام الانتخابي الأميركي وليس نتيجة حصولها على أغلبية بين أصوات الناخبين. فمن أصل المئة مليون ناخب، 55% صوتوا لمصلحة الديموقراطيين و45% لمصلحة الجمهوريين. هذا دليل جديد على استياء الشعب من ترامب. هو لا يزال يتمتع بقاعدة موالية قوية، ما بين 40 الى 42%، الى أن الأغلبية معارضة له. العلاقة الشخصية التي تربطه وصهره وعائلته بالملك سلمان وابنه عامل وهن إضافي بالنسبة إليه ازداد أهمية بعد اغتيال خاشقجي وحرب اليمن. الغريب هو أن أهم اللوبيات في الولايات المتحدة، لوبيات الطيران والسلاح وشركات النفط، التي كانت في الماضي تتجاهل مثل هذه الأحداث، لم تعد تتدخل للدفاع عن السعودية لعدم قدرتها أو عدم رغبتها، وهو أمر غير واضح حتى الآن. تصدر اليوم مقالات وتصريحات تتعلق بنظام الحكم في السعودية وبأوضاعه الداخلية وسياسته الخارجية لا سابق لها منذ بداية العلاقات مع السعودية سنة 1933، أول حليف للولايات المتحدة قبل إنشاء الكيان الصهيوني وقبل تركيا».

إدارة دونالد ترامب واقعة تحت ضغوط متزايدة



الكثير من المواقف الأميركية حيال السعودية يكتنفه الغموض وتتعدد حوله التأويلات. «جميع دوائر صنع القرار والأقطاب الاقتصاديين يريدون استمرار العلاقات مع السعودية، وهناك إجماع على ضرورة بقاء النظام الملكي بقيادة آل سعود. التحول الذي طرأ على طبيعة الحكم بعد تسلم الملك سلمان للسلطة أزعج الكثيرين في الدولة العميقة الأميركية، مثلاً في وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات، بسبب تفرد الملك وولي العهد في الحكم، وهو تطور مستجد في هذا البلد منذ تأسيس المملكة من قبل الملك عبد العزيز. بعد وفاته عام 1953، أضحى أقطاب العائلة شركاء في الحكم وصناعة القرار الذي كان جماعياً عائلياً. منذ تسلم الملك سلمان، غدا القرار فردياً وتم تحجيم جميع أقطاب العائلة الآخرين بعد إزاحتهم من جميع المناصب الحساسة كالدفاع والاستخبارات ووزارتي الداخلية والخارجية. آل نايف وفيصل وسلطان وعبد الله وفهد، أي أبناء الملوك الذين احتلوا مواقع مهمة في تركيبة السلطة، أُبعدوا وتمت إعادة هيكلة لبنية النظام بناءً على تصور الملك وولي العهد وفريقهما المقرب. وعلى الأغلب، فإن مثل هذا التصور، وما سبقه من تغييرات، تم التخطيط له منذ زمن ليس بقريب. 


أزعجت هذه التحولات أوساطاً وازنة في الولايات المتحدة لأن النظام في السعودية بات يرتكز على ملك مسنّ، يعاني مشكلات صحية، وعلى ابنه المفضل والمدلل، العديم الخبرة في شؤون السياسة والحكم وفي أوضاع العالم، والميال إلى المغامرات، وهو الأمر الأخطر. حسب معلوماتي، فان ولي العهد، قبل شن الحرب على اليمن، طلب من هيئة الأركان السعودية إعداد خطة للتدخل في هذا البلد. وعندما قدمت له خطتها، التي افترضت أن الحرب ستكون شديدة الصعوبة وعالية الكلفة، قرر تنحية بعض أعضائها من مناصبهم واستبدلهم برجالاته للمباشرة بالحرب مهما كان الثمن. هذا مثال على التفرد والرعونة واستعداد للمغامرة لم نر له مثيلاً منذ أيام الملك عبد العزيز. السمة الغالبة للملوك السعوديين السابقين كانت الحذر الشديد في قراراتهم وتصرفاتهم. حصار قطر واغتيال خاشقجي أمثلة أخرى على التفرد والميل إلى المغامرة. 


أثارت هذه التطورات انزعاج بعض دوائر الحكومة الأميركية، كوكالة الاستخبارات المركزية، التي أدت شهادة مديرتها أمام مجلسي النواب والشيوخ إلى هزة سياسية في أميركا. مداخلتها كانت سرية، لكنها سربت للرأي العام من خلال النواب والشيوخ الذين تناولوا مضمونها المتناقض تماماً مع مواقف الإدارة والرواية السعودية عن الاغتيال، وتشير الى وقائع كانت خافية عن الجميع. اختار ترامب المديرة الحالية، جينا هاسبل، على عجل لأنه كان يريد إزاحة ريكس تيلرسون من منصب وزير الخارجية وتعيين مايك بومبيو، مدير (سي آي ايه) السابق، في مكانه. جميع هذه الوقائع، والشكوك والمخاوف التي تثيرها، تشير الى أن هناك إعادة تفكير داخل دوائر صنع القرار في النظام الأميركي بطبيعة العلاقة مع السعودية من دون الذهاب إلى حد إعادة النظر بالتحالف معها. وقد يكون لعملية إعادة التفكير بداية تأثير، مجرد بداية، على العداء لإيران، الذي كان محط إجماع في المرحلة السابقة. لا يزال الإجماع موجوداً لدى الجمهوريين، ولدى الذين يمكن تسميتهم الجناح المؤيد لإسرائيل داخل الحزب الديموقراطي، أي قيادة الحزب، لكننا نسمع اليوم أصواتاً أخرى ترفض أن تقود السعودية أو إسرائيل السياسة الأميركية تجاه إيران. الأصوات المذكورة توجّه سهام نقدها المباشرة للسعودية، لكن المستهدفة ضمناً هي إسرائيل أيضاً».


المصدر : الأخبار

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa