وسط مؤشرات على فتور مغربي فرنسي.. الرباط "تنتظر آخر خطوة"

02/09/2022 09:49PM

تواترت الأنباء مؤخرا عن "برود" في العلاقات بين الممكلة المغربية وفرنسا، الدولتان المرتبطتان بعلاقات دبلوماسية وتاريخية متجذرة.

أغلب تلك التقارير، بنت رؤيتها على استمرار تشديد باريس لتدابيرها الخاصة بمنح التأشيرات للمغاربة، والتي قلصت بموجبها عدد المقبولين لدخول ترابها من مواطني المملكة إلى نسبة ملفتة.

حيث، أعلنت باريس قبل نحو سنة تخفيض نسبة قبولها لطلبات التأشيرات الواردة من تونس والجزائر والمغرب بسبب رفض هذه الدول التعاون معها لإعادة مواطنيهم الذين تريد فرنسا "طردهم" من ترابها.

لكنها عادت مؤخرا ووعدت الجزائر، خلال زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون، برفع عدد الطلبات المقبولة، خصوصا للطلبة الراغبين في الدراسة، قبل أن تعلن إعادة العمل بالنسق الطبيعي في إصدار التأشيرات للمواطنين التونسيين كذلك، لكن ماذا عن المغرب؟..

وسائل إعلام مغربية نقلت عن الداخلية الفرنسية أن "المغاربة حصلوا سنة 2020 على نحو 98 ألف تأشيرة دخول إلى فرنسا، مقابل 346 ألفا سنة 2019، وحوالي 303 آلاف سنة 2018، و295 ألفا سنة 2017".

أعلنت تونس، في وقت متأخر السبت، استدعاء سفيرها بالرباط للتشاور ردا على خطوة مغربية مماثلة بعد استقبال الرئيس التونسي، قيس سعيد، لزعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، للمشاركة في قمة أفريقية يابانية.

في الصدد قال المحلل السياسي المغربي، أشرف الطريبق إن عدد التأشيرات الفرنسية لصالح المغاربة، تقلص بشكل كبير، مشيرا إلى أن مواطنيه يعدون أكثر الطالبين لهذه التأشيرة، رغم أنه لا يرى أي علاقة بين منح التأشيرات وسبب التقليص الذي تحدثت عنه باريس والمتعلق بعدم تعاون المغرب والجزائر وتونس لتسهيل عودة مواطنيهم من فرنسا.

وقال: "نعم قرار التقليص أثر نوعا ما على اعتبار أنه أحادي تم اتخاذه من طرف فرنسا فقط".

من جانبه، اعتبر أستاذ القانون الدولي بجامعة عبد المالك السعدي، محمد العربان، أن العلاقات بين باريس والرباط، تقليدية واستراتيجية يحكمها التاريخ والمصالح المشتركة والتعاون المبني على الاحترام المتبادل والثقة التي راكمها المغرب مع الدول الأوربية وفرنسا بشكل خاص، مبعدا ملف التأشيرات جانبا، فقضية "الوحدة الترابية للمغرب" وفقه هي من يحدد علاقات المملكة مع الدول.

الموقف من قضية الصحراء

افترضت قراءات لخطاب الملك المغربي، محمد السادس، الذي ألقاه بمناسبة الذكرى الـ69 لـ "ثورة الملك والشعب"، الذي طالب فيه الدول التي تتبنى مواقف غير واضحة من قضية الصحراء الغربية توضيح مواقفها، (افترضت) أن يكون حديثه موجها لباريس. 

الملك قال إن: "ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات".

فهل كان يقصد فرنسا؟ وهل يشكل هذا مؤشرا كافيا للحديث عن أزمة في العلاقات بينهما؟

في نظر الطريبق، لم يوجه الملك خطابه المتعلق بتوضيح الموقف من قضية الصحراء لفرنسا، بل لتونس لأن "المغرب كان يعلم بالتحركات لاستقبال البوليساريو، خلال قمة تيكاد".

يذكر أن الرباط اعتبرت أن استقبال ابراهيم غالي، زعيم البوليساريو،  للمشاركة في القمة الإفريقية اليابانية (تيكاد) "عمل خطير وغير مسبوق يجرح بشدة مشاعر الشعب المغربي".

وردت تونس على استدعاء المغرب لسفيره في تونس للتشاور، باستدعاء ممثلها في الرباط هي الأخرى.

وقالت في بيان ""خلافا لما ورد في البيان المغربي" فإن الاتحاد الإفريقي المشارك في تنظيم "تيكاد" هو من استدعى الجمهورية الصحراوية العضو فيه. 

لكن العربان، الذي يرى أن المغرب يود فعلا أن توضح باريس موقفها من الصحراء بصفة نهائية لفت في حديث لموقع الحرة إلى أن باريس كانت دائما "الداعم الأول لوحدة التراب المغربي".

وتابع العربان معبرا عن ذلك بالقول "للتاريخ.. يجب أن نذكر بأن فرنسا هي أول دولة دعمت المخطط المغربي الخاص بالصحراء في مجلس الأمن" في إشارة إلى مقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه الرباط لحل ملف الصحراء الغربية.

ويدور نزاع منذ عقود بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر حول الصحراء الغربية التي تسيطر المملكة المغربية على نحو 80 بالمئة من مساحتها وتقترح منحها حكما ذاتيا، في حين تطالب البوليساريو،  بإجراء استفتاء لتقرير المصير. 

كما لفت العربان إلى أن باريس دعمت المغرب خلال أزمة معبر الكركرات سنة 2020.

وفي 13 نوفمبر 2020، تم خرق وقف إطلاق النار كان ساريا بين المغرب والبوليساريو منذ 30 سنة في الصحراء الغربية وذلك إثر عملية عسكرية نفّذها الجيش المغربي في منطقة الكركرات العازلة في أقصى جنوب الإقليم الصحراوي لإعادة فتح الطريق نحو موريتانيا بعد أن أغلقه مطالبون بالاستقلال. 

وردّت البوليساريو على التحرك المغربي بإعلانها انتهاء العمل بوقف إطلاق النار. 

العربان علق على ذلك بالقول إنه كانت هناك "دائما مؤشرات على دعم فرنسا للمغرب" مشيرا إلى ضرورة أن تبادر بآخر خطوة في نظره، وهي التصريح بموقفها كما فعلت إسبانيا، ألمالنيا والولايات المتحدة، وفق تعبيره.

وبالعودة إلى مشكلة الصحراء، التي قرر المغرب أن يجعلها بوصلة لتحديد علاقاته مع الخارج، أشار العربان إن باريس تتحمل مسؤولية تاريخية بحكم علاقاتها المتجذرة مع المغرب بخصوص قضية الصحراء.

وقال: "فرنسا أولى بخطوة ترامب أو إسبانيا أو ألمانيا، لما يربطها بالملف، فهي تملك جميع المعلومات، ولها ارتباط وثيق بالقضية".

وفي أواخر عهد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، اعترفت واشنطن  بسيادة المغرب على الصحراء، تبعها تغير مفاجئ في موقف إسبانيا من المستعمرة السابقة، حيث رأت أن الحل يكمن في المقترح المغربي لحل النزاع والمتمثل في منح الشعب الصحراوي الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، بعد أن رافعت لعقود من أجل تنظيم استفتاء لتقرير المصير، بناء على توصيات سابقة  للأمم المتحدة.

قضية الإمام المغربي 

في سياق حديثه على قضية الإمام المغربي، حسن إكويوسن، الذي تريد السلطات الفرنسية ترحيله، ولم تسهل مهمتها القنصلية المغربية، وفق وسائل إعلام مغربية، قال العربان "لا يمكن أن نتفق على كل الجبهات والملفات".

وكانت قناة "بي أف أم" الفرنسية كشفت أن القنصلية المغربية "علقت "التصريح القنصلي" الذي يسمح لها بإعادة الإمام إكويوسن إلى المغرب، وهو ما حمل بعض القراءات على التأكيد أن هناك أزمة غير معلنة بين فرنسا والمغرب.

لكن العربان قال إن الملفات الأمنية الخاصة بالأشخاص تحكمها اتفاقات دولية وقعها المغرب، وهو ينظر (المغرب) إلى كل حالة من منظور تلك الاتفاقات وعبر عن ذلك بالقول: "هذه القضية لها خصوصيتها، ويجب أن تعالج عن طريق القنوات الرسمية بعيدا عن وسائل الإعلام".

من جانبه، يرى الطريبق أن قضية الإمام "قضية معزولة جدا" تتعلق بمواطن مقيم في فرنسا وتجري عليه قوانين فرنسا "ولا علاقة للمغرب بذلك".

ولفت الطريبق إلى أن المغرب كان دائم التعاون مع الاتحاد الأوروبي فيما يخص ملف الهجرة والملف الأمني بشكل عام، "رغم تذبذب العلاقات من حين لآخر بينه وبعض الدول الأوروبية، إلا لأن "المغرب منخرط دائما في قضية الأمن في المنطقة" وفقه.

العلاقات مع الجزائر

قادت أول زيارة خارج البلاد، ماكرون، بعد انتخابه لولاية ثانية، إلى الجزائر، ولعل هذه كانت إشارة أخرى استندت إليها المقاربات التي تقول بتململ العلاقات مع الرباط.

لكن العربان يرى بأن الوضع الحالي لسوق النفط والغاز هي من أملت على ماكرون هذه الخطوة.

"لعل الوضع الحالي الذي أفرزته الحرب الروسية على أوكرانيا، هي من أملت على ماكرون وجهته الأولى بعد إعادة انتخابه" يقول العربان قبل أن يستدرك "لكننا في المغرب لا نريد أن تحكمه هذه العلاقة وتفرض عليه موقفا من قضية وحدتنا الترابية".

ثم عاد ليقول إن "زيارة ماكرون للجزائر خلقت نوعا من العتب في المغرب حول توقيتها ومدتها".

يذكر أن ماكرون كشف أنه سيزور المغرب خلال الفترة المقبلة، لكن طريقة إعلانه لم ترُق لوسائل الإعلام المحلية.

حيث جاء إعلان ماكرون خلال حديث غير رسمي مع مهاجرين مغاربة سألوه عن زيارته للجزائر.

ماكرون قال عن زيارته للجزائر "كانت رائعة" قبل أن يردف مبتسما "سأزور المغرب نهاية أكتوبر".

ماكرون قال إن سيزور المغرب في أكتوبر

في هذا السياق، قال الطريبق إنه في حال عدم زيارة ماكرون للمغرب أو تبادل زيارات على أعلى مستوى بين البلدين فإن "العلاقة بين المغرب وفرنسا يمكن أن تزداد سوء وجفاء".


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa