التعطيل بين الحلال والحرام: شدّ الحبال.. أي رئيس يُنجب؟

20/03/2023 11:53AM

كتب فريديريك الخراط في "السياسة":

لم يتأخر حزب الله وحلفاؤه عن تعطيل جلسات انتخاب رئيس للجمهورية، حين كانوا يخرجون قبل بدء الدّورة الثاّنية، مستغلّين الدستور بما ينفعهم. فالنّصاب يأتون به من منازلهم ويعيدونه إليها عند "الرجعة". كذلك مفاتيح المجلس، فوحده يملكها حزب الله، ومؤتمن عليها حليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري. فلا تفتح الجلسات إلّا بإذن منه، ولا تغلق إلّا برضاه. هكذا يسخّر فريق الثنائي الشيعي وبعض الحلفاء نفوذهم وسلطتهم الدستورية، لتنفيذ أجندات غير دستوريّة وغير وطنية أبعد من حدود البلد. فيحوّل الثنائي ما لديه إلى هيمنة للإطباق على الاستحقاقات التي لا تناسب مشروعه.

في البداية، لم يكن لحزب الله وفريقه مرشح معلن، بسبب الخلافات التي كانت وما تزال تضرب هذا الفريق، ولعل أبرزها هي بين التّيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل من جهة وبين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية من جهة أخرى. فكان يومها التعطيل "حلالًا"، بما أنّ التوافق لم يكن بعد قد حصل لدى فريق "الممانعة". أمّا اليوم، وبعد ما اختارت الممانعة أن تخوض معاركها الرئاسية بفرنجية، فأصبح التّعطيل حرامًا.

وعن إمكانية تعطيل النصاب في جلسات انتخاب رئيس للجمهورية يؤكد عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جورج عقيص في حديث خاص مع موقع "السياسة" أنه لن نؤمن بعد الآن هذا التعايش، وآن لنا أن نكسر هذه الحلقة الجهنمية التي تخدم فيها ما تبقى من دولة مشروع الدويلة، وأعتقد بأنّ اللّبنانيين جميعًا بمختلف انتماءاتهم السياسية لا يمكنهم إلّا أن يؤكدوا على أمر ثابت، أنّ مشروع الدويلة هو الذي أوصلنا إلى حالة الانهيار الكاملة".

ويرى عقيص أنه "منذ العام 2005 حتى اليوم نعيش بدولة، همّها الوحيد وكل نشاطها لخدمة الدّويلة، فالإقتصاد الرديف انتعش على حساب الاقتصاد الرسمي"، مضيفًا: "حياة ورفاه المهربين والمضاربين كانت مؤمنة على حساب المؤسسات التي تعمل بطريقة قانونية، ولذلك شهدنا الهجرة الكثيفة لشبابنا وكفاءاتنا، وإقفال المؤسسات في لبنان".

ويلفت إلى أنّ "هذا الانهيار ليس وليد ليلة وضحاها، بل يُرسم ويُعمل عليه عبر ممارسات وطريقة حكم اتفق عليها في اتفاق الدوحة، وهي الديمقراطية التوافقية، ونتيجة تغييب أي دور رقابي للبرلمان بإرادة من رئيسه، ونتيجة أنّ كلّ الحكومات لم تكن تعمل على استراتيجية وطنية، بل بمنطق الصفقات بين الأحزاب، أوصلتنا إلى شلل وفشل كامل بالخدمات الحكومية من الاستشفاء والتعليم وصولًا إلى الاتصالات والكهرباء".

ويشدد على أنه "كقوات لبنانية بمناسبة إستحقاق رئاسة الجمهورية، لن نشارك قطعًا في استمرار النهج المستمر منذ الـ2005 إلى اليوم، الذي يثبت غلبة واضحة لمشروع الدويلة على حساب مشروع الدولة".

وفي إطار تبني القوات اللبنانية ترشيح رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض لرئاسة الجمهورية، يؤكد عقيص أنّ"ميشال معوض ما يزال مشروعنا ومرشحنا لأن منذ اليوم الأول طلبنا من قوى المعارضة إعطاءنا أسماء المرشحين، وعندما اقترحنا اسم معوض هناك مجموعة كبيرة من المعارضة بحوالي 49 نائبًا، وافقت عليه ومشت به". مشيرًا إلى أنه "كنا ننتظر من باقي فرقاء المعارضة وتحديدًا النواب التغييرين والنواب السنة المستقلين وكتلة الاعتدال الوطني أن يسموا مرشحًا آخر، كي نعدل عن اسم معوض ونتبنى مرشحهم، شرط أن يكون لديه نفس المواصفات التي يحملها معوض وأن يستطيع تأمين 65 صوتًا، ولكن حتى هذه اللحظة لم يأتِنا أي مرشح آخر".

وعن موقف حزب التقدمي الإشتراكي الأخير الذي دعا من خلاله النائب وليد جنبلاط للخروج من لعبة الأسماء التقليدية، يعتبر عقيص أن "الاشتراكي حليف دائم ولديه طريقة في العمل السياسي خاصة به"، مشيرًا إلى أنّ "هذه الاستدارة التي قام بها نحن غير موافقين عليها لأننا نعلم أنه مع الفريق الآخر هذه الطريقة لا تنتج، فقد اعتاد إما وضع اليد بشكل كلي على البلد أو لا يعطي شيئا".

وأوضح أن "فكرة الحوار والاتفاق على اسم رئيس نعتقد كقوات لبنانية انها لا تجدي، لأننا لسنا مختلفين على هوية الرئيس بل على مشروع وبرنامج الرئيس". وأضاف: "إذا كان الرئيس آتٍ ليتعايش مع الدويلة ويدوّر الزوايا معها، فنحن لا نريده، لأن مشروعنا مختلف تمامًا، وهو مشروع بناء الدولة وإخراج الشعب اللّبناني من هذا الانهيار، ونحن نعلم أنه لا يمكن الخروج منه إلّا بتغيير جذري بطريقة الحكم وبموازين القوى وبإعادة المساواة إلى كلّ اللّبنانيين وإعادة كلّ الأحزاب إلى الداخل اللّبناني وبتخلّيها عن المشاريع الإقليمية والدولية، وبنزع كل سلاح غير شرعي وحصره بيد الجيش اللّبناني".

وعن العلاقات السعودية الإيرانية التي استؤنفت برعاية صينية، يرى عقيص أنه: "من المبكر الحديث عن آثار الإتفاق على الواقع اللّبناني وعلى الانتخابات الرئاسية، ونحن من دعاة "لبننة" هذا الاستحقاق مع كل علاقة الصداقة التي تربطنا بالمملكة العربية السعودية لأننا نجاهر بالقول إنّ هذا الاستحقاق يجب أن يكون لبنانيًا، لأن اللبنانيين يعلمون مشاكلهم وطريقة خلاصهم منها". وختم: "نثمن مساعدة أي دولة للبنان بإنقاذه من محنته، لكن اختيار الرئيس هو شأن لبناني".

في السابق، ابتدع حزب الله قاعدة "الأقوى في طائفته"، وعطل على أساسها مجلس النواب لسنتين ونصف من أجل انتخاب رئيس الجمهورية السابق ميشال عون". أما اليوم، ومع تبدّل موازين القوى لغير صالحه، فلم تعد "القاعدة"، سارية المفعول. فرغم أن فرنجية لا يمكن تصنيفه لا ثاني ولا ثالث من حيث التّمثيل المسيحي ولا يحظى بدعم أي كتلة مسيحية، إلا أنه بسحر ساحر أصبح مرشح "الحزب". فصار شعار حزب الله الأحب اليوم، "التّوافق". فكلها قواعد متبدّلة لدى "الحزب" وقابلة للتّعديل، على مبدأ "لو كنت أعلم"، إذ يحق له ما لا يحق لغيره. كيف لا وهو المتحكم باللّعبة واللّاعب الأكبر فيها وواضع قوانينها وضابط إيقاعها. فكلما شعر بالملل يغير القواعد، وكلما اشتم الخسارة رفع "الجوكر" الذي يملك في استعماله الحق الحصري. وإذا ما طرأ طارئا وخرجت اللعبة عن السّيطرة، هدّد بقلب الطّاولة. أليس هذا ما حصل في ٧ أيار ٢٠٠٨، وبعيد ثورة ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩؟

 أمّا القاعدة الثابتة أبداً لديه فهي "ما لي هو لي، وما لكم هو لي ولكم".


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa