لماذا ننسى ما جئنا لفعله عندما ندخل غرفة جديدة؟

يعاني كثير من الناس من ظاهرة غريبة عند الانتقال من غرفة إلى أخرى، حيث يدخلون بنية القيام بشيء معين، لكنهم سرعان ما ينسون السبب بمجرد دخولهم.  

ويفسر العلماء هذه الظاهرة، التي تُعرف باسم "تأثير المدخل"، على أنها نتيجة طبيعية لطريقة عمل الدماغ في معالجة التغيرات البيئية. فعندما ينتقل الشخص من مكان إلى آخر، يعيد الدماغ ضبط المعلومات وفقًا للسياق الجديد، ما قد يؤدي إلى فقدان مؤقت للمعلومات المرتبطة بالمكان السابق.  

يشرح عالم الأعصاب الإدراكي كريستيان جاريت أن الدماغ ينظم المعلومات استنادًا إلى البيئة المحيطة، مثل الغرف أو الأماكن المختلفة. وعند العبور من غرفة إلى أخرى، يعتبر الدماغ هذا الانتقال بمثابة *فاصل زمني* بين الأحداث، ما قد يؤدي إلى مسح الذاكرة قصيرة المدى المتعلقة بالمكان السابق.  

وفي دراسة أجرتها جامعة كوينزلاند، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين انتقلوا بين غرف متشابهة لم يواجهوا مشاكل في التذكر، على عكس أولئك الذين دخلوا بيئات مختلفة تمامًا، حيث ازدادت لديهم احتمالية نسيان ما كانوا يفكرون فيه. وبيّنت الدراسة أن النسيان كان أكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين كانوا منشغلين بأفكار أخرى أثناء التنقل.  

كما أكدت تجربة أخرى، أجراها علماء من جامعة نوتردام، أن عبور الأبواب قد يؤثر على الذاكرة. ففي بيئة افتراضية، طُلب من المتطوعين التنقل بين غرف والتعامل مع أشياء معينة، ثم الإجابة عن أسئلة تتعلق بما كانوا يحملونه. أظهرت النتائج أن الأداء في اختبارات الذاكرة كان أسوأ بعد عبور الأبواب مقارنة بالبقاء في الغرفة نفسها. وعند تكرار التجربة في بيئة حقيقية، حيث طُلب من المشاركين حمل صناديق بين الغرف، وُجد أنهم كانوا أكثر عرضة لنسيان محتويات الصندوق بعد العبور.  

ويعزو العلماء ذلك إلى أن الأبواب تعمل كـ "فواصل إدراكية" تفصل بين حلقات الذاكرة، حيث يتعامل الدماغ مع كل غرفة كبيئة مستقلة، ويعيد ترتيب المعلومات بناءً على السياق الجديد. كما أن استقبال معلومات جديدة عند دخول الغرفة قد يؤدي إلى تداخلها مع المعلومات السابقة، مما يجعل من الصعب تذكر المهمة الأصلية.  

ولتقليل احتمالية النسيان عند الانتقال بين الغرف، يقترح العلماء بعض الاستراتيجيات المفيدة، مثل:  

- التركيز على الهدف أثناء المشي، وتجنب التفكير في أمور أخرى.  

- تكرار المهمة بصوت عالٍ للحفاظ على انتباه الدماغ.  

- تدوين ملاحظات سريعة، مثل كتابة كلمات مفتاحية على ورقة أو على اليد.