هوة كبيرة بين الحزب وأمل وبري أمام مفترق طرق

رغم كل محالات حزب الله، إظهار التحالف السياسي مع حركة أمل بأفضل حال، إلا أن الهوة بين الطرفين تبدو أعمق مما يظهر علنًا، فالرئيس نبيه بري، رجل الدولة والمؤسسات، الذي حمل لواء الإنماء والإعمار منذ تخليه عن حمل السلاح ودخوله الحياة السياسية، والباحث عن الإعمار، والنهوض الاقتصادي يدرك تماماً ألا قيامة للبنان بلا دولة واحدة وسلطة واحدة وسلاح واحد شرعي.

في المقابل، يتمسك "حزب الله" بسلاحه غير الشرعي، ويواصل ارتهانه للأجندة الإيرانية، ما يضعه في موقع مضاد لأولويات إعادة بناء الدولة اللبنانية ومؤسساتها، وبينما يسعى الرئيس بري لاستعادة هيبة الدولة وإنقاذ الاقتصاد، يتمسك الحزب بمنطق "الدويلة داخل الدولة"، وسياسة قطع الأيادي التي تمتد لسلاحه، معطلاً بذلك كل فرص إعادة الإعمار وإنعاش الاقتصاد في لبنان.

في المقابل، يتمسك "حزب الله" بالسلاح غير الشرعي، ويواصل ارتهانه للأجندة الإيرانية، رافضًا كل دعوة لبناء دولة حقيقية، ومصرًّا على منطق "الدويلة داخل الدولة"، والاستمرار بمنهج المليشياوية والاستقواء بالسلاح.

لكن في الحقيقة، هذا الخلاف الجوهري ليس حديث العهد، فمنذ خروج الحزب من عباءة حركة أمل، سالت الدماء بين الطرفين حين قاتل "حزب الله" عناصر من حركة "أمل" في معارك السيطرة على مناطق النفوذ، وأقصى كل من تجرأ على معارضته داخل الطائفة، إضافة لتجرؤه على المؤسسة العسكرية في مراحل سابقة، وحتى اليوم.

التناقض بين عقلية رئيس مجلس النواب الساعي للمشاركة بوضع أسس إعادة الإعمار، وبين سعي الحزب لعسكرة لبنان، تعمّق مع التطورات الأخيرة، خاصة أن نبيه بري، المعروف باعتداله ومهاراته التفاوضية، لطالما لعب دور "مفرمل" اندفاعات الحزب الخارجية، رافضًا أن يتحول لبنان إلى منصة لصراعات الآخرين.

وفي أوساط الطائفة الشيعية نفسها، تتعالى أصوات جديدة ترفض الاستمرار بدفع أثمان الحروب الإقليمية وتطالب بوقف فاتورة الخسائر البشرية والمادية، خاصة خلال الحرب الأخيرة.

اليوم، ومع تصاعد صرخة الجنوبيين والشيعة الأحرار الرافضين لأن يكونوا وقوداً لحروب لا تخصهم، يقف بري أمام مفترق طرق، فهل يواصل سياسة "عض الأصابع" مع الحزب، أم ينحاز أخيرًا إلى مشروع إنقاذ لبنان من دويلة السلاح؟