05/10/2025 10:14PM
بقلم: أنطوني سَعْد – بيروت
مع تصاعد الحرب على غزة، برزت الخطة الأميركية التي ارتبطت باسم الرئيس الأميركي دونالد ترامب كمحاولة لرسم مستقبل القطاع بعد وقف إطلاق النار. في المقابل، تحركت القاهرة والرياض لإجهاض أكثر البنود إثارة للجدل، وفي مقدمتها التهجير الجماعي لسكان غزة، وهي مشاريع كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يراهن على تمريرها مستفيداً من الفوضى الإقليمية والتراخي الدولي.
منذ الأيام الأولى للحرب، أدركت مصر بحكم موقعها الجغرافي أنّ أي نزوح جماعي من غزة نحو سيناء سيشكّل تهديداً مباشراً لأمنها القومي وللاستقرار في شبه الجزيرة. كما رأت أن تهجير سكان غزة سيمنح إسرائيل سيطرة نهائية على القطاع ويقضي على أي أمل بعودة الفلسطينيين إليه مستقبلاً، وهو سيناريو يشكّل خطراً استراتيجياً على القضية الفلسطينية بأكملها. لذلك رفعت القاهرة الصوت في المحافل الدولية محذّرة من تحويل سيناء إلى ملجأ قسري للفلسطينيين، وأرسلت رسائل حازمة بأن هذا السيناريو خط أحمر لن يُسمح بحدوثه.
ولم تكتفِ مصر بالتحذير السياسي، بل عززت موقفها بخطوات ميدانية واضحة عبر تكثيف الانتشار العسكري في سيناء وتحصين حدودها مع غزة. هذا التصعيد العسكري حمل رسالة مباشرة لإسرائيل والعالم بأن القاهرة لن تسمح بتحويل أراضيها إلى ملجأ جماعي للاجئين، وأن أي محاولة لدفع مئات الآلاف نحو الحدود ستُقابل برد حازم قد يصل إلى المواجهة العسكرية إذا اقتضى الأمر. وهكذا تحوّل الوجود العسكري المصري في سيناء إلى عامل ردع عملي يكمّل الضغوط الدبلوماسية.
في الوقت نفسه، تحركت السعودية بدبلوماسية هادئة لكنها مؤثرة، مركّزة على حماية الفلسطينيين ومنع سيناريو التهجير من دون تقديم إنقاذ سياسي لحركة حماس نفسها. وتشير أوساط دبلوماسية إلى أنّ العلاقة الشخصية القوية التي نسجها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والاحترام المتبادل بين الطرفين، لعبت دوراً أساسياً في جعل المقترح الأميركي قابلاً للتنفيذ وفرض خطوط حمراء تمنع التهجير وتحافظ على دور عربي في مستقبل غزة. وقد جاءت هذه المقاربة بعد أن انتظرت الرياض إنهاك النفوذ الإيراني الذي حاول استثمار الحرب لصالحه، لتقتنص اللحظة وتؤثر في مسار التسوية قبل أن تتمكن إسرائيل من تحقيق نصر كامل يطيح بالحضور الفلسطيني في القطاع. إدارة ولي العهد للملف جاءت بميزان دقيق، مانعة إسرائيل من سحق الشعب الفلسطيني بالكامل ومكتفية بدفعها نحو نصر رمزي لا يلغي الهوية الفلسطينية ولا يفتح الباب أمام سيطرة إسرائيلية نهائية على غزة.
الخطة الأميركية التي طرحها ترامب تضمنت وقف إطلاق النار، إعادة إعمار القطاع، وإنشاء إدارة انتقالية لا تكون تحت السيطرة الإسرائيلية المباشرة. ترامب نفسه أعلن بوضوح أنه “لن يسمح” بتوسيع السيطرة الإسرائيلية أو فرض وقائع جديدة في الأراضي الفلسطينية، في رسالة مباشرة إلى نتنياهو بأن الخطوط الحمراء الأميركية ما زالت قائمة رغم محاولات تل أبيب استغلال الحرب لتغيير الواقع. هذا الموقف عُدّ مكسباً للدبلوماسية العربية التي قادتها القاهرة والرياض.
الدولتان لم تكتفيا بالمواقف الإعلامية، بل قادتا جهدًا دبلوماسيًا واسعًا نتج عنه موقف عربي–إسلامي موحد يرفض التهجير ويشدد على أن أي إدارة لغزة يجب أن تكون مؤقتة وبقيادة فلسطينية أو عربية، وليس تحت الاحتلال المباشر. هذا الضغط، مدعومًا بوزن السعودية الإقليمي ودور مصر المحوري في الوساطة بين حماس وإسرائيل، ضيّق هامش المناورة أمام نتنياهو وأجبره على التعامل مع مقترح أميركي يحد من سقف طموحاته.
هكذا، تمكنت القاهرة والرياض من إعادة رسم موازين القوة في المنطقة، وفرض خطوط حمراء حالت دون أسوأ السيناريوهات التي سعت إليها إسرائيل وإيران معاً. وبينما لا تزال إسرائيل تحاول الحفاظ على نفوذها الميداني، يبقى واضحاً أنّ التحرك العربي المنسق والدعم الأميركي لهذه الخطوط حوّلا الحرب إلى فرصة لحماية الشعب الفلسطيني وتجنب خسارته الكاملة أمام مشروع السيطرة الإسرائيلية الكاملة على القطاع.
شارك هذا الخبر
من القاهرة إلى الرياض… جدار عربي يسقط رهانات نتنياهو
بالأسماء – لوكورنو يعلن تشكيل حكومته الجديدة
ترامب: اتفاق غزة صفقة عظيمة لإسرائيل
مار مخايل وسامر حنّا… محطات سوداء في تاريخ سلاح حزب الله ضد الدولة
"التيار الوطني الحر": ما حصل في غابة أرز الرب جريمة وطنية وبيئية
بلدية القاع تكرم القاضي منيف بركات
الرياضي بيروت بطل سلة ابو ظبي الدولية الثانية
الجيش: تمارين تدريبية في منطقة الكنيسة – كفرقوق
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa