حكم فيدرالي يلزم غوغل بتحديد مدة التعيين الافتراضي لعام واحد فقط

وجّه قاضٍ فيدرالي ضربة قوية لإستراتيجية شركة غوغل في سوق البحث، إذ أصدر حكماً يلزمها بتحديد مدة أقصاها سنة واحدة لجميع عقود التعيين الافتراضي لمحرك البحث وتطبيقات الذكاء الاصطناعي على الأجهزة، ما ينهي عملياً نموذج الصفقات الطويلة الأمد التي دعمت حضور الشركة على مليارات الأجهزة حول العالم.

ويأتي هذا الحكم بعد نحو عام من قرار مماثل في 2024، قضى بأن غوغل—التابعة لمجموعة ألفابت—احتكرت بصورة غير قانونية سوق البحث والإعلانات المرتبطة به، ما مهّد لتدخل تنظيمي أوسع يستهدف تعزيز المنافسة في القطاع.

وبحسب الحكم الذي نقلته وكالة "بلومبرغ"، ستكون غوغل ملزمة بإعادة التفاوض سنوياً على جميع اتفاقياتها الخاصة بالوضع الافتراضي لمحرك البحث، بما في ذلك الاتفاقيات الكبرى مع شركة أبل ومُصنّعي هواتف أندرويد مثل سامسونج. وتعني هذه الخطوة أن الشركة لن تتمكن بعد الآن من توقيع عقود تمتد لسنوات طويلة تُبقي محركها في موقعه الافتراضي، رغم احتفاظها بالحق في دفع مبالغ مالية مقابل هذا الامتياز.

وأكد القاضي أميت ميهتا، من المحكمة الفيدرالية لمقاطعة كولومبيا، أن "شرط الإنهاء بعد عام واحد" يعد ضرورياً لضمان فاعلية إجراءات مكافحة الاحتكار، مشيراً إلى أن القيود الجديدة توفر آلية عملية لتوسيع المنافسة وإتاحة فرص حقيقية أمام الشركات الناشئة والمنافسين التقليديين.

ويأتي هذا الحكم في وقت تشهد فيه سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي تنافساً متسارعاً، إذ تحاول شركات عدة دخول مجال البحث من خلال واجهات تعتمد على المحادثة وتوليد الإجابات. فقد أطلقت OpenAI متصفح Atlas في الأشهر الماضية، كما عززت شركات مثل Perplexity AI حضور متصفحها Comet، بينما تواصل مايكروسوفت دمج مساعدها الذكي "كوبايلوت" في متصفح "إيدج"، ويطرح Opera One تجربة بحث معتمدة على المساعد Aria.

وتشير هذه التحولات إلى احتمال إعادة توزيع الحصص السوقية، خصوصاً مع دخول متصفحات قائمة على الذكاء الاصطناعي تقدم بدائل مباشرة لنموذج البحث التقليدي الذي تعتمد عليه غوغل منذ أكثر من عقدين.

ورغم المنافسة المتزايدة، واصلت غوغل تعزيز حضورها في سباق الذكاء الاصطناعي عبر سلسلة تحديثات تعتمد على نماذج "جيميناي". ووفق أحدث بيانات مؤسسة "Sensor Tower"، شهد نموذج "جيميناي" نمواً كبيراً في عدد المستخدمين النشطين شهرياً بنسبة 30% بين  تموز وتشرين الثاني 2025، مدعوماً بانتشار نموذج توليد الصور "Nano Banana". وارتفع معدل التفاعل ليبلغ متوسط 11 دقيقة يومياً، بزيادة 120% عن بداية العام، متجاوزاً أداء ChatGPT خلال الفترة نفسها.

ويمثل الحكم الجديد امتداداً لإجراءات مشابهة اتخذت في أيلول الماضي، حين أُجبرت غوغل على مشاركة جزء من البيانات المرتبطة بخوارزميات ترتيب نتائج البحث مع منافسين محددين. وتواجه الشركة أيضاً سلسلة قضايا أخرى، بينها طعون في أحكام تتعلق بممارسات متجر "غوغل بلاي" وهيمنتها على سوق البحث.

ولم تصدر غوغل أو وزارة العدل الأميركية تعليقاً فورياً على الحكم، الذي يُنظر إليه ضمن مرحلة جديدة من الرقابة التنظيمية المشددة على شركات التكنولوجيا العملاقة، في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة لإعادة ضبط موازين القوى في قطاعي الذكاء الاصطناعي والبحث.

ومن المتوقع أن يسهم الحكم، في حال دخوله حيّز التنفيذ، في إعادة رسم خريطة سوق البحث عالمياً، خاصة مع احتدام المنافسة بين غوغل وOpenAI وشركات أخرى تقدم تجارب بحث تعتمد على المحادثة وتوليد الإجابات، ما قد يدفع غوغل إلى إعادة النظر في نموذج أعمالها القائم منذ عقود.