22/04/2025 09:40PM
كما بات معلوما فان امام الدولة اللبنانية تحديات كبيرة وصعبة باتجاه استعادة هيبتها من خلال وضع مؤسساتها الرسمية على طريق التعافي، خصوصا ان لبنان اليوم أمام فرصة تاريخية لاستعادة مكانته عربياً ودولياً ومساعدته مشروطة بإصلاح مؤسساته، وضبط الهدر والفساد، وتعزيز سلطة الدولة، و حصرية السلاح بيدها والتي تشكل أحد أعمدة الأمن الوطني في أي استراتيجية.
فمعالجة الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يمر بها لبنان، تشكل أولوية ملحة امام الحكومة اللبنانية، التي لم تعد تملك رفاهية الوقت ، وهي تواجه عجز مالي داخلي وازدياد في معدلات الفقر والبطالة، وهو ما يحتم عليها عدم المراهنة على الإمكانيات المحلية فقط، بل عليها التوجه الى المجتمع الدولي وطلب دعمه ومساعدته بمليارات الدولارات وتحديدا من البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والدول العربية من اجل انتشال لبنان من مستنقع الانهيار ، خصوصاً أن خزينة الدولة شبه فارغة، والقطاع المصرفي في حالة شلل شبه تام.
وفي هذا الوقت، ينعقد مؤتمر الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، حيث يشارك لبنان بوفد رفيع المستوى يضم وزير المالية ياسين جابر، ووزير الاقتصاد عامر بساط، وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد، ويحمل الوفد اللبناني رؤية الحكومة الاقتصادية والمالية المقبلة ويشرح خططها المستقبلية، وخطواتها التي ستقدم عليها بالنسبة لاعادة تأهيل حقيقية للبلد.
كما تعكس المشاركة اللبنانية أهمية المرحلة، ليس فقط من ناحية البحث عن دعم مالي، بل من ناحية تقرير مصير اقتصادي-سياسي لبلد بأكمله.
وبحسب ما تسرب عن اجتماعات واشنطن، فإن لبنان بحاجة إلى حزمة مساعدات تفوق الـ 10 مليارات دولار، مشروطة بإصلاحات صارمة تشمل ضبط النفقات، وتحرير الاقتصاد من الفساد، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي الذي تحوّل إلى أداة لتهريب الأموال وتبييضها.
وفي هذا الاطار، كان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ووزير المالية اصدرا في ١٣ اذار الماضي بيانا مشتركا ، أكدا فيه ضرورة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد بحلول الصيف، ما يعني أن الاجتماعات الجارية في واشنطن قد تكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان.
غير أن هذا الاتفاق لن يتم دون شرطين أساسيين:
1. إصلاح النظام المصرفي والمالي، بما يشمل إنهاء الاقتصاد الموازي الذي يستفيد منه "حزب الله"ومؤسساته.
2. نزع سلاح "حزب الله" أو على الأقل تحجيم دوره السياسي والأمني، باعتباره المعرقل الرئيسي لأي استقرار داخلي، ومصدر قلق دائم للمجتمع الدولي، وهو ما اكدت عليه المبعوثة الأميركية الى لبنان مورغان اورتاغوس.
مما يعني أيضا ان لا مساعدات ولا دعم للبنان طالما يستمر "حزب الله " بالسيطرة على جزء كبير من الدورة الاقتصادية عبر شبكات مصرفية ومؤسسات موازية خارجة عن سلطة الدولة، وتتهمه تقارير دولية بتهريب الأموال، وتمويل مؤسسات غير شرعية تخالف التزامات لبنان تجاه مجموعة العمل المالي (FATF).
اما الأخطر من ذلك، هو ارتباط الحزب المباشر بإيران التي تقدم له دعماً مالياً وعسكرياً، ما يكرس واقع "الدولة داخل الدولة". وهذا الواقع يُعد من أبرز العراقيل أمام ضخ أي مساعدات خارجية، لأن الممولين الدوليين والعرب يشترطون أن لا تُستغل الأموال لتعزيز نفوذ "حزب الله".
وتزامناً، تعكس جولة الرئيس عون إلى بعض الدول العربية محاولة حثيثة لحشد الدعم العربي والخليجي، لكن هذا الدعم لن يُترجم استثمارات فعلية قبل رؤية إصلاحات ملموسة وحقيقية وخروج لبنان من الهيمنة الإيرانية وهو ما أعلنته صراحة العديد من الدول الخليجية ، حيث اكدت بانها لن تساهم بإعمار بلد تسيطر عليه إيران، وأن أي دعم سيكون مشروطاً بخروج لبنان من سياسة المحاور.
كما ان اللافت في موضوع إعادة اعمار ما دمرته الحرب الاخيرة ، هو الدور المتزايد لمؤسسات تابعة لحزب الله مثل "جهاد البناء" في مشاريع إعادة التأهيل، وهي مشاريع كان يفترض أن تُسند لمجلس الإنماء والإعمار أو الوزارات المختصة. وهذا التدخل ينسف مبدأ الشفافية، ويقلق الجهات المانحة التي تربط أي دعم بوضوح مسار الأموال وعدم وقوعها في قبضة قوى الأمر الواقع.
كما انه لا يمكن لأي مشروع إعادة تأهيل في لبنان أن يُبنى على أرضية من الانقسام الأمني، أي وجود جيشين، أحدهما شرعي وآخر موالٍ لإيران، يقوّض سلطة الدولة، ويُضعف المؤسسات الأمنية، ويُشكك المجتمع الدولي في نوايا لبنان.
وفي السياق فقد عبّر مسؤولون في البنك الدولي وصندوق النقد عن قلقهم من هذا الواقع، واعتبروه من أبرز أسباب تردّي الثقة الدولية بلبنان.
لذلك فان الرهان اليوم هو على قدرة الحكومة اللبنانية في الاستفادة من هذا الأسبوع المفصلي في واشنطن لتوحيدجهودها مع الجهات الدولية والعربية الراغبة بمساعدة لبنان.
فالفرصة لا تزال متاحة، وإن كانت تضيق. وعلى الحكومة اللبنانية أن تختار: إما المضي في إصلاحات حقيقية، وتفكيك منظومة الاقتصاد الموازي والسلاح غير الشرعي، أو خسارة فرصة تاريخية لإعادة بناء الدولة فمستقبل لبنان على المحك، وإعادة التأهيل تبدأ من استعادة السيادة والشفافية. لقد حان الوقت لأن يتوقف “حزب الله” عن استغلال معاناة اللبنانيين لجني المكاسب السياسية والمالية.
فالمجتمع الدولي واضح: لا مساعدات بلا سيادة، ولا دعم بلا إصلاحات، ولا إعمار بوجود "جهاد البناء".
شارك هذا الخبر
أسباب صحية تقلص صفوف الناخبين في المجمع السري لانتخاب خليفة البابا فرنسيس
فجوة تمويلية "ضخمة" تجبر الصحة العالمية على تقليص عملياتها وتسريح موظفين
الحرس الثوري الإيراني يحتجز سفينتين أجنبيتين
بالفيديو..روسيا: حريق وانفجارات في مستودع ذخائر وإجلاء سكان محليين
طائرة تصطدم بخط كهرباء وتتحطم في النهر
واشنطن تضع شروطها: هل يستجيب لبنان لإنقاذه؟
لصحة القلب والدماغ والعظام: فوائد الجوز البرازيلي تقابلها ضرورة الاعتدال
جلسة لمجلس النواب يوم الخميس..إليكم التفاصيل
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa