11:26AM
عندما أصيبت عائشة* بنزيف حاد، كاد يهدد حياتها، بعد عشرة أيام فقط من ولادة توأمين في المنزل في منطقة دينسور، كانت عائلتها تخشى الأسوأ. المستشفى الذي أنجبت فيه أطفالها السابقين بأمان لم يعد يعمل. ومع محدودية الرعاية الصحية المتاحة في مجتمعها، اقترض زوجها المال على وجه السرعة وقاد السيارة لمدة خمس ساعات طوال الليل للوصول إلى مستشفى باي الإقليمي في بيدوا الذي تدعمه أطباء بلا حدود، وهو أحد المرافق القليلة التي تقدم رعاية مجانية وعالية الجودة للأمهات والأطفال. قامت الفرق الطبية على وجه السرعة بتقديم العلاج الإسعافي لعائشة، ونجحت في علاج نزيفها الحاد.
بسبب محدودية توفّر الرعاية الصحية، يصل المرضى إلى المستشفيات وهم يعانون من مضاعفات شديدة، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى وفيات الأمهات وحديثي الولادة التي يمكن الوقاية منها. ويزيد انعدام الأمن وندرة خدمات الرعاية الصحية والتحديات اللوجستية من إعاقة الحصول على الرعاية في الوقت المناسب، كما تضيف الأعراف الثقافية مثل اشتراط موافقة أحد الأقارب الذكور على التدخلات الجراحية تأخيرات حرجة عندما يكون من الضروري اتخاذ إجراءات فورية. علاوة على ذلك، تمثل سلوكيات طلب الرعاية الصحية تحديات كبيرة.
القصص المشابهة لقصة عائشة* شائعة جداً في أنحاء ولاية جنوب غرب الصومال، حيث تسافر النساء والأطفال في كثير من الأحيان مئات الكيلومترات بحثاً عن الرعاية الطبية المنقذة للحياة. أما الذين لا يستطيعون تدبر تكاليف الرحلة فيواجهون عواقب شديدة.
وضعت حواء، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 18 عاماً، طفلها الأول في سن 16 عاماً في المنزل مع وجود أقارب فقط. وتقول: "لا توجد مستشفيات أو أطباء في مكان قريب". بعد ولادتها الثانية، عانت من مضاعفات خطيرة: التورم ومشاكل في القلب. فعزمت على السفر إلى بيدوا لتلقي العلاج. تتعافى حواء الآن، وتعرب عن أمل واسع: "نحن بحاجة إلى مستشفى في منطقتنا وأطباء يمكنهم القدوم إلينا".
عوامل متعددة تعيق الوصول إلى الرعاية؛ الفقر وانعدام الأمن وبعد المسافة والحواجز الثقافية كلها تؤخر العلاج بشكل كبير. حسن، أب يبلغ من العمر 28 عاماً من قرية أفورو، فقد زوجته بشكل مأساوي أثناء الولادة في المنزل بسبب عدم وجود مرافق صحية وقابلات مؤهلات. يكافح حسن في وضع صعب، بعد أن بقي وحده مع ابنه حديث الولادة الذي سرعان ما أصيب باعتلال شديد. ويذكر حسن قائلاً: "كان يعاني من الإسهال والقيء، والأدوية من الصيدليات المحلية لم تساعد". بعد شهرين من تدهور صحة ابنه، علم بخدمات أطباء بلا حدود المجانية في بيدوا. ويوضح: "اقترضت حوالي 130 دولاراً وسافرت 150 كيلومتراً للوصول إلى مستشفى بيدوا". عاد إليه الأمل بعد أن كان اليأس يسود الموقف، حيث يتلقى ابنه العلاج اللازم والرعاية التغذوية.
تدعم أطباء بلا حدود مستشفى باي الإقليمي منذ عام 2017، حيث تقدم الرعاية التوليدية الطارئة ورعاية حديثي الولادة والأطفال والرعاية التغذوية. في عام 2024 وحده، عالجت أطباء بلا حدود أكثر من 14,000 طفل من سوء التغذية، وأجرت أكثر من 38,000 استشارة للأطفال، وساعدت في أكثر من 2800 ولادة، وأجرت ما يقرب من 35,000 استشارة في مجال الصحة الإنجابية، وكل ذلك مجاناً. ومع ذلك، على الرغم من هذه الجهود، لا تزال حالة صحة الأم والطفل في المنطقة حرجة، خاصة بعد تخفيضات التمويل الأخيرة.
أدى تعليق تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى إغلاق ما لا يقل عن 37 موقعاً صحياً وتغذوياً في كل من المناطق الريفية والحضرية حول بيدوا. ونتيجة لذلك، ارتفع عدد المرضى في المرافق المتبقية مثل مستشفى باي الإقليمي، مما أدى إلى إرباك نظام الرعاية الصحية الهش بالفعل.
من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران 2025، عالجت فرق أطباء بلا حدود في مستشفى باي الإقليمي 11,894 طفلاً يعانون من سوء التغذية، بزيادة قدرها 76 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتؤكد هذه الزيادة المهمة في حالات سوء التغذية، إلى جانب ارتفاع حالات مضاعفات صحة الأم، الحاجة الملحة إلى تمويل مستدام وفعال لاستعادة الخدمات الأساسية وتوسيع نطاقها، لا سيما في المجتمعات الريفية التي تعاني من نقص الخدمات.
غالباً ما تتأخر العائلات في طلب المساعدة الطبية حتى تتفاقم الظروف، وغالباً ما تعتمد في البداية على المعالجين التقليديين. كما أن المفاهيم الخاطئة المحيطة باللقاحات، مثل المعتقدات التي تربطها بالعقم أو غيره من الأمراض، تزيد من تقييد الوصول إلى الرعاية الوقائية. يعد التثقيف الصحي المستمر والمشاركة المجتمعية أمراً ضرورياً لبناء الثقة في الخدمات الطبية وتشجيع طلب الرعاية في الوقت المناسب.
ويقول الدكتور بيتشو كايمبي، رئيس برنامج أطباء بلا حدود في الصومال: "يمكن منع وفيات الأمهات وحديثي الولادة من خلال ضمان حصول النساء الحوامل على الرعاية في الوقت المناسب في مرافق قريبة. في كثير من الأحيان، يصل إلينا المرضى في حالة حرجة لمجرد عدم توفر الرعاية الصحية في مكان قريب".
ويؤكد الدكتور كايمبي أنه بينما تواصل المنظمة تقديم الرعاية المنقذة للحياة، فإن الدعم المنهجي الأوسع أمر حيوي: "إن حجم الاحتياجات يتطلب استثمارات مستدامة وطويلة الأجل ودعماً استراتيجياً في جميع أنحاء الصومال. نحث الجهات المانحة والشركاء في المجال الإنساني على إعطاء الأولوية لتوسيع نطاق الرعاية الصحية الأولية والرعاية الطارئة للأمهات والأطفال، لا سيما في المناطق النائية".
داخل أجنحة مستشفى باي الإقليمي المزدحمة، يبصر المواليد الجدد النور تحت إشراف كوادر مؤهلة، ويستعيد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية صحتهم تدريجياً، وتجد الأمهات الخائفات الراحة والأمل. كما يقول الدكتور كايمبي: "الأمر لا يتعلق فقط بالاستجابة للأزمات الفورية. يتعلق الأمر بضمان بقاء الأسر على قيد الحياة وتعافيها وإعادة بناء حياتها بدءاً من الرعاية الصحية الكريمة والجيدة للجميع".
شارك هذا الخبر
رجي يستقبل القائم بالأعمال الفرنسي: دعم وتمديد لليونيفيل
تصعيد جديد في غزة: غارات إسرائيلية تقتل 12 فلسطينياً
قائد الجيش في عين التينة
في عكار: أمن الدولة تقفل مركزًا طبيًا مخالفًا وتضبط أدوية منتهية الصلاحية
إميل رحمة: الصراع المسيحي من جراحات السِنان إلى جراحات اللسان
روسيا تعلن إسقاط المزيد من المسيرات الأوكرانية
ارتفاع وفيات ضحايا المجاعة في غزة
النفط يسجل ارتفاعاً
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa